الفصل السادس والثلاثون (زواج ) …
عيناك آخر ما تبقى من مكاتيب الغرام
نزار قباني
♡♡♡♡♡♡♡♡
-يعني أنا ضعت …أنا دلوقتي مبقاش معايا حاجة …حتى بيتي اخدته مني !!!!
صرخ شريف به ….ثم اتجه بخطوات حا قدة حتى يلكمه بوجهه ولكن عدي ابتعد وقال بسخرية:
-لا لا يا باشا عيب تعمل الحركات دي في كتب كتاب بنتك …الناس تقول عليك ايه …مفروض تكون محترم اكتر من كده !!!!
-انا محترم غصباً عنك!!
صرخ شريف بجنو ن …كان يشعر ان كل ما سعى إليه تد مر الآن …رباه .
لقد انتهى تماماً…هو مفلس وبدون منزل الآن …
نظر الى عدي بكر ه وقال:
-أنت انسان و اطي …جبا ن وكد اب ….
ضحك عدي بتسلية وقال:
-هو أنت ليه بتقولي الصفات اللي فيك …أنا لعبت بطريقتك يا شريف بيه فمتزعلش …أنا كنت في حالي وانت اللي قررت تبدأ الحر ب لما بعتلي كارمن وبعدها جواهر فاستحمل بقا …ده جزاء اللي عملته انا مليش دعوة خالص !!!
لمعت عيني شريف بالدموع واقترب من ابنته وقال:
-أنتِ كنتِ عارفة ان ده اللي هيحصل …ردي عليا يا عبير …كنتِ عارفة !!!!
اطرقت عبير برأسها وهي تتذكر ما حدث !!
….
في المقهى …
كانت عدى يجلس يتناول قهوته بهدوء ….السواد يحيط.بعينيه بسبب قلة النوم والتفكير الزائد …منذ ان اخبرته عبير بالحقيقة كاملة باليوم السابق وهو مشتت تماماً….لا يعرف ماذا يفعل …هل يدير ظهره لجواهر ويتركها تواجه مصيرها؟!هل يفعل هذا ؟! ….صحيح انه غاضب للغاية منها ولن يسامحها أبداً ولكنه احبها ولن يسمح لأي أحد أن يؤ ذيها ….
رفع نظراته عندما احس بقدومها …عبس وهو يجد شخص آخر معها …مع عبير …فهو قد اتصل بها وطلب منها القدوم ليتفقا على ما سوف يفعلانه….
نظرت عبير الى عدي بتوتر وقالت:
-خير حضرتك ليه.جبتني هنا ؟!
-اقعدي يا آنسة متقلقيش الكافية ده هادئ خالص محدش يعرفك هيشوفك هنا بإذن الله متقلقيش …
هزت رأسها بإرتباك ونظرت الى أمير الذي كان وجهه متجمد …وداخله يغلي من الغيرة وهو ينظر لهذا الرجل …رجل وسيم …وغني يليق بعبير تماما ..عكسه هو …وعند تلك الفكرة تجهم وجهه واختفى الغضب تماماً من داخله وجل ما شعر به هو الأ لم …الأ لم فحسب !!
…..
-ممكن اعرف مين الاستاذ ؟!
قالها عدي بلباقة لترد عبير :
-ده أمير اللي وقف جمبي من وقت ما هربت من البيت …بعد ربنا هو وجواهر اللي ساعدوني…
ابتسم عدي وقال:
-طيب اتفضلوا اقعدوا عشان نتكلم ونتفاهم ونتفق …
تبادلا أمير وعبير النظرات القلقة فيما بينهما …فإبتسامة عدي لم تكن بريئة أبداً … ولكن لم يكن لديهما حل الا هذا فجلسا بهدوء …
بدأ عدي بالكلام وقال:
-آنسة عبير …انتِ لما قولتيلي الحقيقة كاملة وليه جواهر كده ..فكرت كتير وقررت اني اساعد جواهر !!
أشرق وجه عبير ونظرت إليه بلهفة ثم قالت:
-شكرا …بجد شكرا يا عدي بيه …شكرا اوووي …
-على مهلك شوية أنا مبعملش حاجة لله وللوطن يا آنسة عبير …أنا كمان لازم استفاد …
-تستفاد ازاي يعني ؟!
قالتها عبير بتوجس فابتسم عدي وقال:
-انا هاخد شيكات جواهر من شريف واديله الشيكات بتاعته بس هقوله شرط كمان عشان مبلغش على التزوير اللي عمله …
-ايه الشرط؟!
قالتها عبير بحيرة
-اننا نتجوز …
هكذا القى عدي قنبلته بكل سهولة !!!
كور أمير كفه بغضب بينما شحبت عبير …ظلت ترمقه دون تصديق …نظر إليهما عدي بتسلية ثم أنفجر بالضحك وقال:
-اهدوا مش هيكون فيه جواز ولا حاجة …أنا هخدعه هفهمه اني هتجوز بنته وهشرط عليه يكتب البيت بتاعه بإسمي وطبعا عشان صباعه تحت ضرسي هيعمل كده من غير أي تردد ووقتها أنا هتنازل عن البيت واديه لاستاذ أمير اللي هيكون جوزك…..
بهتت عبير وهي تنظر إليه وقالت:
-هساعدك عشان تأذ ي بابا …
مط عدي شفتيه وقال:
-مفيش اذية ولا حاجة …جوزك لو عايز يعيش معاكم يخليه في البيت عادي … وصدقيني شريف يستحق أي حاجة بسبب اللي هببه ده …ها قولتي ايه ؟!
ظلت عبير صامتة …تشعر بالدوار ولا تعرف ماذا تفعل …هل تضع يده في يديه او تذهب وتخاطر بوضع صديقتها في السجن …لا لا لن تفعل هذا …لهذا وجدت نفسها تهز رأسها موافقة على كل ما يقوله !!!…
…….
عادت عبير من شرودها وهي تنظر الى والدها وتقول :
-للاسف يا بابا انت اللي عملت في نفسك كده مش انا …أنت ضيعت جواهر وضيعتني عشان مصالحك …وانا اسفة بس متقلقش أنا وجوزي عمرنا ما نمشيك من البيت انت هتفضل فيه…حتى أن أمير عايز يعيش في الحارة بتاعته وانت تفضل في البيت عادي ومحدش هيضايقك …..
-أنت مستحيل تكوني بنتي !!!أنتِ خو نتيني !!!!
صرخ بها بقوة لتتراجع قليلا وتقول وقد تجمعت الدموع بعينيها :
-أنت اللي بدأت الخيا نة يا بابا …بدأتها لما خد.عتني وجبتني من فرنسا عشان تجوزني واحد أنا مش عايزاه …انت كنت عايز تتاجر ببنتك ولما هربت استغـ ليت جواهر المسكينة وهددتها …للاسف ده نتيجة اللي انت عملته بس يا بابا …لازم تعرف أن اللي بتزرعه بتحصده …أنا عملت كده عشان انقذ جواهر عشان عارفة انك هتحاول تأذيها بالشيكات اللي معاك بس حضرتك ناس انك كمان متورط في تزوير فأنا كمان انقذتك والفضل لعدي …
نظر شريف إلى عدي وقال :
-ده مخلصش يا عدي بيه أنا هدفعك تمن اللي عملته غالي !!!
-وأنا مستنيك !
قالها عدي بإستفزاز
ثم ترك شريف المكان وذهب !!!
……..
بعد قليل …
كان عدي جالس على الأريكة بإرتياح.شديد …كان الكل قد ذهب …كان مبتسماً بإنتصار …لقد استطاع أن يد مر شريف …استطاع أن يأخذ بثأره منه …
نهض بتعب ليذهب لغرفته الا أنه فجأة وجد موسى أمامه …
عقد حاجبيه بغضب وقال :
-أنت ايه اللي بتعمله هنا ؟!وازاي هما يدخلوك ؟!
-أنت متدهمش أوامر اني مدخلش يا عدي …اكيد انا صاحبك ومش ههون عليك تعمل كده !!!
نظر إليه عدي بجرح وقال:
-كويس انك فاكر اني صاحبك …والصاحب الحقيقي ميرتبطش بأخت صاحبه …يجي يكلمه هو الأول …مش اكون مأمنك عليها وانت تخو ن الأمانة!!!
أطرق موسى وجهه بخجل وقال :
-عارف وانا ندمان على اللي عملته يا عدي …بس انا بحبها …بحبها اكتر من اي حاجة في العالم …وحاولت كتير اقاوم بس معرفتش …يا عدي صدقني محدش هيخاف على ليان قدي …صدقني أنا ممكن أموت عشانها…عشان خاطري متبعدناش عن بعض …أنا جاي اطلب أيديها منك …وعايزها ومستعد اعمل اي حاجة عشان خاطرها….مستعد أعمل اي حاجة …قول انت اعمل ايه عشان ترضى تجوزهاني….
نظر إليه عدي بتفكير وقال:
-اي حاجة يعني؟!
-اي حاجة !!
قالها موسى بدون تردد بالفعل هو مستعد أن يفعل أي شئ
-ماشي..
قالها عدي ثم اقترب منه وأكمل :
-أنا موافق اجوزهالك وطلبي الوحيد منك واللي لازم تنفذه انك تحميها ..متبكهاش ولا تزعلها تحطها دايما في عينيك ..عايز ليان تفضل علطول فرحانة مفهوم ..
-اكيد يا عدي …اكيد ..شكرا ليك …
قالها موسى ثم عانقه بقوة وهو يضحك ….
بينما ليان كانت تقف على الإدراج وهي تبتسم بسعادة …كانت سعيدة الآن لدرجة أن قلبها شوف يخرج من صدرها من فرط السعادة !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
عادا الى الحي وأمير يمسك كف زوجته لا بقوة على تركها …كان ينظر إليها ويبتسم فتحمر هي بقوة وتبتسم أيضاً…
-روميو وجولييت خلاص ودعوا بعضكم عشان انتِ يا عبير هتيجي تنامي عندي لحد يا اختي يوم الفرح وبعدين روحي مع جوزك براحتك …حسين كدا كدا هينام عند جوزك وهنضحي عشانكم ونبعد عن بعض لحد ما تتجوزوا
ضحكت عبير ليقترب أمير من تحية ويقول :
-طيب يا تحية اقعد معاها شوية أنا ملحقتش اقعد
-بعد الفرح اقعد يا عريس ..
قالتها ببرود ثم اتجهت لعبير لتأخذها ولكن هو وقف بوجهها وقال:
-يا تحية عشان خاطري …عشان خاطري.
زفرت بضيق وقالت:
-حاضر خلاص …هنطلع البيت عندك ونقعد فيه عشر دقايق …يالا …
ابتسم أمير بسعادة وهو يسحب زوجته خلفه …
……
بعد قليل …
كان أمير وزوجته بالغرفة …كان ينظر إليها بشغف بينما تفرك هي كفيها بتوتر …قبض على كفها فجأة واقترب منها …
-ايه فيه ايه يا أمير ؟!
قالتها بخوف وهي تنهض…فنهض أيضا وقال:
-متخافيش مش هعمل حاجة …
ثم اقترب منها فابتعدت لآخر الغرفة وهي تكرر ؛
-أمير مالك انت اتغيرت ليه بالشكل ده ؟!انت عايز ايه ؟!
-والله ما هعمل حاجة أنا هحضنك وبس …
ثم اقترب ليضمها الا انها صرخت بقوة وهي تقول:
-تحية …تحية الحقيني !!!!
-بس يا عبير هتفـ ضحينا …
قالها وقد وصل إليها ثم كتم فمها وقال :
– والله هحضنك بس و …
ولكن قاطع كلامه دخول تحية وهي تنظر إليهما بنظرات قلقة وما أن رأتهما بهذا الوضع حتى عبست وقالت:
-أنت بتعمل ايه يا أمير ؟!
ابعد أمير كفه عن فم عبير وقال:
-والله يا تحية مبعملش حاجة ..أنا بس كنت بتكلم معاها وهي اللي خافت …
ركضت عبير وبقت بجوار تحية وامسكت ذراعها وقالت:
-أمير اتغير كده ليه ؟!هو مكانش كده ؟!
-يمكن عشان دلوقتي أنتِ مراته يا هبلة ..متخافيش منه هو خشيم شوية المسكين اخر تاء مربوطة في حياته كانت أمه وانا والبنت اللي اتمسك بيشرب معاها سجاير في حمام البنات !
فشلت عبير في أن تمسك ضحكتها وضحكت بقوة ليرتبك أمير ويقول :
-أنتِ طول عمرك كده عايزة تحر جيني يا تحية …خلاص ممكن تقعدي برا شوية هقول حاجة لمراتي!!
-ماشي دقيقتين مش اكتر أنا عايزة انام بكرة الحنة وورايا شغل كتير ..أنجز …
هز أمير رأسه لتقول تحية لعبير بصوت خافت :
-متخافيش منه مش بيعض …
ثم ضحكت وخرجت …
ما أن أغلقت الباب حتى شهقت عبير وهي تجد أمير أمامها …كيف اتى بتلك السرعة …ارتبكت وهي تنظر إلى عينيه الذهبية…شعرت أنها محاصرة تماما …رجعت للخلف بإرتباك وقالت:
-ايه فيه ايه ؟!
اقترب اكثر وقال:
-ممكن احضنك…والله هحضنك بس …
هزت رأسها بتوتر بالغ وهي تشعر ان قلبها سوف يخرج من صدرها …ابتسم هو لها ثم عانقها …شهق بخفوت وهو يشعر بقلبه يدوي داخل صدره بينما يشدد من احتضانها ..كأنه يريد أن يزرعها داخلها…كان أول عناق لهما صادم للغاية لكلاهما …المشاعر التي عصفت بهما قوية للغاية…
ابتعد عنها أخيراً وهو يعانق وجهها يقترب بشفتيه منها ليعطيها قبلتها الأول ولكن فجأة انتفض عندما طرقت تحية الباب وقالت:
-يالا يا عرسان كلها بكرة وبعده ومحدش هيضايقكم … الدقيقتين خلصوا !!
ضحك أمير وقال وهو يبتعد عن عبير التي التهب وجهها بفعل الخجل:
-بت فصيلة !!
♡♡♡♡♡♡♡
-مش قادرة …مش قادرة خلاص…
قالتها ورد بتعب وهي تضع كفها على اذنها…كان سماع الرقية الشرعية مهلك لأعصابها …كانت تريد أن تمتنع عن سماعها بشكل غريب ….
ولكن ياسين لم يستجيب لها بل قال بحزم:
-لازم تسمعي الرقية الشرعية كاملة الشيخ أمجد نبه عليا …استحملي يا ورد خليكي أنتِ، أقوى…حاربي …
انفجرت الدموع من عينيها وقالت بإختناق:
-حاسة ان صدري بيضيق …حاسة اني مخنوقة يا ياسين خلاص ابعده عني ابوس إيديك …ابعده عني
ولكن ياسين جلس بحوارها وشدها إليه وهو يقول بهدوء:
-ششش اهدي …اهدي ..استحملي
كان ياسين يغمض عينيه ومن داخله يعترف ان له يد في الأمر …هو لم يكن يوماً قريبا من ربه …كان كل ما يفعله هو صوم شهر رمضان وصلاة الجمعة …وكم هو نادم على هذا …نادم لانه ابتعد عن طريق الله لتلك الدرجة …ولكن ها هي أتته الفرصة ليصلح حياته …لم يتخيل ابدا انه عندما يصلي فروضه في اوقاتها ….ويخصص له وِرد يوميا انه سوف يحصل على كل تلك الراحة …عندما ينتهي من فروضه ويضغ رأسه على الوسادة ينام بعمق وكل الأفكار التي في عقله تختفي تماما لا يفكر بأي شئ…ويشعر ان مشكلة ورد قريبا سوف تحل …فمنذ ان بدأ يمشي على العلاج الذي قاله الشيخ أمجد وهي تتحسن حتى انها بدأت تتقبله …اليوم جعلته يقترب منها ويعانقها حتى انها لم تمانع عندما اخبرها انه سوف ينام بجوارها على الفراش وهذا كان مذهل للغاية …لقد شعر بالراحة وهي تتقبله مجددا ….فهي لا تدرك أثر رفضها له مرارا وتكرارا ..لقد شعر بالجر ح …ولكن الاهم من هذا شعر انه منبوذ …انه بلا ملجأ ..وعندما بدأت تتقلبه احس انه عاد الى وطنه بعد ان طُرد منه بدون رحمة وبعد ان ذاق مر ارة الغربة !!!
أنتهت الرقية الشرعية وبدأ ياسين يقرأ دعاء التحصين .
-حَصنتك برب العزة والجبروت ..حصنتك بالحي الذي….. لا يموت حصنتك بالواحد الأحد …حصنتك بالفرد الصمد ..حصنتك بالذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )….
كانت الدموع تنهمر من عيني ورد …كانت تفعل كل شئ بصعوبة …تشعر أن الأمر ثقيل على قلبها ولكن نفورها من ياسين بدأ يتراجع …وبدأت تتأكد انها مسحورة بالفعل …فكرت كثيراً من من الممكن ان يؤذيها وحقا لم تجد الا هي …هي الوحيدة التي تريد أن تؤذيها وتدمرها …تلك التي تدعى جوري …لا تصدق غباءها عندما تعاطفت معها وعندما تكلمت مع ياسين في هذا الموضوع تهرب منها بمهارة …..
-يالا يا غالية عشان تنامي بس قبل النوم هنقرأ آية الكرسي والمعوذتين …
وبالفعل بدأ الاثنين في ترديد آية الكرسي
-بسم الله الرحمن الرحيم (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم)
وبعد ان انتهوا.بدؤا بقراءة المعوذتين ثم نهض ياسين وسحب زوجته لكي يناما….تسطح على الفراش وفتح ذراعيه لكي تأتي وحبس أنفاسه وهو ينتظرها بينما الصراع بادي بوضوح على وجهها ولكن أخيراً تنهدت وما هي الا لحظات حتى كانت لين ذراعيه …تنهد ياسين براحة وهو يضمعا أقرب إليه ويقبل رأسها…حاول بقدر الامكان الا يتجاوز معها كي لا تغضب او تنفر منه وأغمض عينيه مبتسماً بسبب وجودهت بين ذراعيه وأغمض عينيه وهو يذهب في النوم ….لحظات ونامت هي بين ذراعيه …آمنة …مطمئنة !!
……. .. .
مرت ساعتين وهما غارقين تماماً في النوم ولكن بالنظر عن قرب كان ياسين هو من ينام بعمق وبراحة أما ورد فهى كانت تهز رأسها يميناً ويساراً بينما العرق بتصبب من جبينها …كانت الدموع تنفجر من عينيها وهي نائمة بينما تزوم بصوت مكتوم …أخيراً تحرر صراخها من فمها على هيئة كلمة !!
-لاا…
صرخت وهي تنهض من نومها بفزع مما تسبب بإزعاج ياسين أيضاً…نهض ياسين بفز ع ونظر إليها …كان تشهق بعنـ ف …الدموع لا تتوقف عن الانهمار…رفعت كفها ووضعته على وجهها ثم انفجـ.رت بالبكاء …
أجفل ياسين وهو ينظر إليها …شعر بالإرتباك وهو لا يدري لما تبكي ….أمسك كتفيها وضمها إليه بحرص وهو يقول بلطف :
-حبيبتي ايه اللي حصل بس ؟!…
ولكن لا رد …كانت مستمرة في البكاء ….قلبها يؤ.لمها…هذا الكابوس المزعج لماذا يستمر في تد.مير حياتها …لماذا …ولماذا تحلم به دوماً…والمشكلة انها لا تستطيع اخبار ياسين عنه بالطبع سوف يتضايق كثيراً وسوف يتهمها بأنها تفكر في خطيبها السابق وهي لا تريد تعقيد الأمور …شهقت بقوة وهي تشعر ان ياسين يزيح كفيها عن وجهها …نظر ياسين الى وجه ورد المصبوغ بالأحمر من شدة البكاء وأعاد سؤاله مرة آخرى :
-اتكلمي يا حبيبتي وقوليلي ايه اللي مضايقك …حلمتي بكابوس
-أيوة ..
قالتها وصدرها بضيق حتى شعرت أنها سوف تموت الآن ثم أكملت :
-كابوس وحش اووي يا ياسين وعلطول بيتكرر معايا …وانا متضايقة …
ربما ياسين بلطف على شعرها وقال:
-معلش يا حبيبتي دي من آثار السحر أكيد …أقرب دعاء التحصين تاني وآية الكرسي والمعوذتين وبإذن الله مشو هتشوفيه تاني …
هنا ورد رأسها وتسطحت على الفراش وهي تقرأ ما قاله ياسين وقد شعرت ان السكينة حلت على قلبها قليلا وأغمضت عينيها لكي تنام…نام ياسين بجوارها وضمها بلطف وهو يغمض عينيه لكي ينام ….
-ياسين …
قالتها ورد بتردد …ليفتح ياسين عينيه ويقول:
-عيون ياسين …
تنهدت بعمق وقالت:
-أنت ليه مستحملني؟!يعني أنا سخيفة معاك ويعمل حاجات صحيح غصب عني بس برضه بجر.حك وبأذ يك فليه رغم ده كله مستحملني ومش عايز تتخلى عني …مش شايف ان ده غريب شوية ….
تنهد هو الآخر ونظر إليها …حاصر نظراتها بنظراته المحبة ….العشق كان واضح بعينيه …تنهد هو وقال :
-عشان مقدرش اعيش من غيرك …صحيح بتجر.حيني ولو من غير قصد بس بعدك عني هيجرحني أكتر …بعدك عني ممكن يقتلني !!!وأنا مش مستعد أمو ت من غيرك …أنا بحبك يا ورد …صدقي ده او متصدقوش بس أنا بحبك فعلا …بحبك لدرجة أنتِ متتخيلهاش …بحبك ومش مستعد اسيبك او اتخلى عنك…أنا هفضل متمسك بيكي للنهاية …مش هفقد الأمل فيكي أبدا …
كانت الدموع تنفـ جر من عينيها …لا تصدق انه يحبها لهذا الحد …رباه ماذا تريد اكثر من هذا …لماذا تعامله بتلك الطريقة ولما تأتي عليها اوقات لا تطيق حتى النظر الى وجهه….الخجل كان يقتلها من الداخل …أرادت ان تعتذر منه عن معاملتها السيـ ئة تلك.فقالت:
-أنا اسفة يا ياسين …اسفة على كل اللي بعمله فيك …وشكراً عشان مستحملني …
جذب كفها ثم قبله برقة شديدة قائلا:
-أنتِ مراتي …ولو مستحملتش مراتي هستحمل مين ؟!ثم اني مستحملك عشاني مش عشانك…أنا بخاف اعيش من غيرك يا ورد …أنا عايز أعيش معاكِ طول حياتي …عايز أمسك ايديكِ للنهاية…
ابتسمت ودموعها تنهمر ثم عانقت وجهه وهي تقترب منه بشفتيها فتقبله برفق …لحظات وتحول الرفق لحماس ولهفة منه …كان يشتاق إليها وقد اعطته الأذن ليقترب قمت هو ليرفض هذا الإغراء الذي لا يُقاوم !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي ….
في المشفى …
كانت رابحة جالسة على فراش المشفى بينما يفحصها الدكتور يحيى …انتهى أخيراً من الفحص وقال بإبتسامة رائعة:
-لا احنا بقينا كويسين اووي النهاردة بالشكل ده أنا هكتبلك خروج بس بشرط نلتزم بالعلاج اتفقنا ؟!
هزت رابحة رأسها وقالت:
-هلتزم يا بني حاضر …
ابتسم بإيجاز لها ثم رفع عينيه لرانيا التي كانت تجلس على المقعد المجاور …وقال؛
-انسة رانيا معلش عايزك برا في حاجة …
ارتعش قلبها وظنت ان يوجد في والدتها شئ خاطئ ….تصاعد الخوف داخلها وشعرت بالدموع تلسع عينيها ولكن كل ما فعلته انها أومأت له ونهضت لتخرج خلفه …
نظرت رابحة بقلق الى ماجدة الجالسة وقالت:
-يا ترى عاوز البت في ايه ؟!معقول يكون عندي حاجة خطيرة ومش عايز يقول …معقول هموت يا ست ماجدة …
-يا ولية بطلي تفولي على نفسك …انتِ وبنتك فقر مفيش سيرة على لسانكم الا الموت !!
رفعت رابحة حاجبيها وقالت :
-اومال هو عايز من البنت ايه ؟!وليه طلبها بالطريقة دي مش كفاية اللي حصل للبنت.بسببه !!!
عبست ماجدة وقالت بفضول :
-وهو ايه اللي حصل ليها يا رابحة ؟!دكتور يحيى عمل لرانيا ايه ؟!
تلعثمت رابحة وقالت:
-ل ا لا معملش حاجة …معملش حاجة …
ولكنها فشلت تماما في اقناع ماجدة التي بدأ فضولها يزداد …هي تشك بالفعل ان هناك شئ مريب بين الطبيب وبين رانيا …فنظراته لها غريبة …اهتمامه بها غريب أيضاً …ولقد ظنت ان الاهتمام من ناحية واحدة ولكنها اكتشفت ان حتى رانيا مهتمة به …هل من المعقول ان يكون يحيى يحبها وهي تحبه…ولكن لماذا هي تبتعد عنه بتلك الطريقة …ماجدة لم تفهم ابدا سبب تصرف رانيا !!
…….
وقفت رانيا امام يحيى وهي ترتجف وتفرك كفيها بتوتر …نظرت إليه والدموع محتشدة بعينيها …كانت تشعر انها سوف تنها ر في أي وقت ولكن يجب ان تتماسك وتسمع الخبر الذي سوف يقوله مهما كان …ارتعشت شفتيها وجذب هذا انتباهه هو فابتسم ابتسامة بسيطة وهو يتأملها بإنبهار …انها اجمل من أي وقت راها فيه …بسيطة ..خائفة وجميلة…كم ود ان يعانقها الآن ويهدأ من روعها ….
عندما رأت رانيا ان يحيى لا يتكلم ولا يبدو عليه انه سيفعل قررت هي ان تتخذ تلك الخطوة وقالت بتوتر:
-أمي مالها يا دكتور …قولي حصلها أي حاجة …فيه حاجة عندها …لتكون العملية فشلت وانت كدبت عليا عشان مزعلش امي…أمي..
-شششش ..
قالها ضاحكا وهو يضع كفه على شفتيها وأكمل :
-ايه يا بنتي كمية الكلام دي خلاص ..بنيتي سيناريو من مفيش !!!حاليا قررتي ان أمك تعبانة والعملية فشلت والحاجات دي …لا طبعا حاجة رابحة كويسة دلوقتي وصحتها احسن مني ومنك عشان ترتاحي خالص يا ستي …
تنهدت رانيا بإرتياح وهي تبعد كفه بإرتباك لذيذ ولكنها عادت تعبس في وجهه. قالت :
-اومال حضرتك جايبني هنا ليه؟!
ارتبك.يحيى امام نظراتها الفضولية …لم يعرف ماذا يقول الآن …لقد اراد رؤيتها على انفراد والاعتراف لها بمشاعره ولكنه يجد نفسه عاجز عن التكلم الآن بينما قلبه لا يتوقف عن الخفقان …انتظرته رانيا بصبر ليتكلم ولكنه ظل صامتاً فقالت رانيا ؛
-دكتور يحيى احنا هنفضل كده كتير …ممكن حضرتك تقول عايزني في ايه عشان عايزة تروح اشوف أمي!
والواقع رؤية والدتها اتخذتها حجة فهي توترت منه بشدة عندما راته ينظر إليها بتلك الطريقة …ارتفع ضجيج قلبها وازدردت ريقها وهي تنتظر ان يتكلم …
-رانيا أنا …
-يحيى ..
قاطعه الصوت القوي لوالدته ليغلق عينيه بتعب بينما ارتعشت رانيا وهي ترى تلك السيدة التي اهانتها يوما وهي تتقدم منهما وبعينيها قسوة مرعبة !!
ازدردت رانيا ريقها بصعوبة وشعرت بالخوف بعصف بها…فبعد آخر مرة لم تريد أبداً ان تحتك.بتلك المرأة فهي تذكرت اخر مرة تكلمت معها وكيف اها نتها بشكل حطـ م قلبها …
أطرقت برأسها وهي تمنع الدموع التحرر من سجن عينيها ….
بينما تحفزت ملامح يحيى وهو ينظر إلى والدته عينيه تبرق بشدة ….
-نعم يا أمي …
رمقت ليلى رانيا بنظرات حادة لترتعش رانيا أكثر فتقول ليلى :
-عايزة اتكلم معاك يا دكتور …تسمحلي دقيقة من وقتك !!!
تنهد يحيى وقال:
-أكيد يا أمي …تعالي على المكتب …
ثم.نظر لرانيا وقال:
-هنكمل كلامنا بعدين …
ثم ذهب مع والدته …وما أن ذهب حتى حررت رانيا دموعها وكتمت فمها كي لا تتحرر شهقاتها أيضا …اخيرا سيطرت على نفسها ومسحت دموعها وهي ترسم ابتسامة رائعة على شفتيها وتلج إلى غرفة والدتها ….
نظرت إليها رابحة بقلق وقالت:
-ها يا بت قالك ايه ؟!أنا هتحصلي حاجة ؟!أو. .
ضحكت رانيا وقالت:
-لا يا أمي ده كان بيقولي أن صحتك زي الفل كان بس بيوصيني على الأدوية اللي هتاخديها …
ثم اقتربت من والدتها وضمتها وقالت:
-أنت بقيتي زي الفل يا أما متقلقيش على نفسك …الحمدلله …
ابتسمت رابحة براحة وهي تضم ابنتها …
-السلام عليكم !
جمد كلاهما صوت خشن وقوي …
ابتعدت رانيا عن والدتها لتنظر إلى مصدر الصوت فتجده عمها …تحفزت ملامحها وكورت كفها في غضب …بينما ابتسم عمها في وجهها بإستفزاز وقال :
-ازيك يا أم رانيا ..ايه اخبارك يا ست الكل أنا جاي اتطمن عليكي …رغم الخلا فات اللي بيننا الا اننا أهل …
احمر وجه رابحة من الغضب وقالت:
-أهل ايه يا راجل يا عر ة ياللي كنت عايز تجوز بنتي لراجل عنده خمسين سنة. ..غور يا راجل من هنا بدل ما اخلي اللي ما يشتري يتفرج عليك …غور من هنا !!
ربتت رانيا على كتف والدتها بقلق .. خافت أن تنفعل والدتها أكثر وتسوء حالتها …
-أهدي يا أما ابوس ايديكي…سيبك منه ده انسان واطي ….
ثم وجهت كلامه لها ..كانت ملامحه غاضبة …وجهه مصبوغ باللون الأحمر من الغضب وقالت:
-يالا روح من هنا بدل ما ننادي الآمن …مش هيبقي كويس لراجل كبير زيك أن الأمن يرموه برا المستشفى. .
-ماشي يا بنت اخوي براحتك … هيجي في يوم وتحتاجيني ..
ثم تركها وغادر لتتنهد وهي تضم والدتها براحة…
…..
في مكتب الدكتور يحيى كانت والدته تقف بإنفعال وتقول :
-ليه كل مرة اشوفك مع البنت دي يا يحيى …ليه …ليه متبعدش عنها ؟!!
-أمي البنت والدتها تعبانة وانا عملتلها العملية!!
-هو مفيش دكتور غيرك في مصر يا أستاذ !!…ما مصر مليانة دكاترة …دي لعبة ر خيصة منها عشان تشفق عليها …..
احمر وجهه من الغضب وقال :
-أمي لو سمحتي رانيا ملهاش دعوة انا اللي طلبت منها اعمل العملية لوالدتها …مش هي خالص …
رفعت حاجبيها بدهشة وقالت :
-نعم وانت تطلب ليه …هو من أمتى الدكتور هو اللي بيطلب يعمل العملية ؟!….
شحب وجهها وهي تفهم أخيراً وقالت بصراخ:
-أنت عملتلها العملية ببلاش!!!!
-لا محصلش هي دفعت ولو سمحت يا أمي دي حاجة خاصة بشغلي …لو سمحتي يعني متتدخليش فيها ….
-يحيى البنت دي بتسـ تغلك …بتلعب على عواطفك وانت عشان شفقان عليها بتقع في الفخ …
-يا أمي لو سمحتي متتكلميش عليها كده !!؟رانيا مش كده خالص ..
قالها يحيى بإنفعال …هزت ليلى رأسها وهي تكاد أن تفقد عقلها وقالت:
-انا مش قادرة اصدق …مش قادرة اصدق الطريقة اللي انت بتدافع عليها بيها …انت ليه بتدافع عليها كده ؟!انت بتحبها ؟!!انطق بتحبها
صرخت في الكلمة الآخرى ليصرخ هو بدوره:
-أيوة بحبها …بحبها ارتاحتي …
والإجابة حطـ متها…لقد وقع ابنها في الفخ !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
يوم الحناء ….
لقد صممت على إقامة زفافها في الحي الذي يسكن به …شعرت ان هذا سوف يسعده وهي لن تتردد في فعل اي شئ يسعده …هي تريد أن تراه سعيد ولا يهم أي شئ آخر ….
…..
في مركز التجميل البسيط الذي يوجد بالحارة …
رضت ان يكون فستانها بسيط ومساحيق التجميل البسيطة كانت تليق بوجهها الدائري الجميل ….نواجزها كانت بارزة بقوة …عينيها البنية كانت تلمع بشدة وحجابها كانت يحيط بوجهها …لقد أرادت مفاجأة حبيبها اليوم والذي اخبرها برغبته سابقاً انه يريدها ام ترتدي حجاب وها هي فعلت هذا في اجمل يوم في حياتهما.سويا ….
دخلت تحية المركز وهي تطلق الزغاريد …ثم اتسعت عينيها وقالت بإنبهار:
-بت يا عبير …انتِ حلوة اوووي يا بت….ايه الجمال ده.كله ..ده.اكيد.امير ممكن.يطير عقله بسببك …ممكن يتجنن والله ..
ابتسمت عبير بخجل ولم ترد …كان قلبها يدوى داخل صدرها بقوة …تشعر انها سوف تموت من شدة الخجل …
-يالا اجهزي عريسك جاي يا بطة…
قالتها تحية وهي تغمز لها …فساعدتها صاحبة المركز لتنهض ثم جعلتها تقف وهي تعطيهم ظهرها كي لا يراها أمير عندما يدخل …كانت احدى عادات الزفاف لديهم….
ولج أمير الى المركز بقلب خافق عينيه الذهبية مركزة على حبيبته….حبيبته التى نالها أخيراً …كانت تقف بعيداً…تعطيه ظهرها وتضع حجاب سميك على رأسها يغطي كامل جسدها كي لا يراها جيداً…ابتسم وتقدم.وهو يحاول أن يراها فتدور هي حول نفسها وهي تكتم ضحكاتها بصعوبة ولكن تنفلت منها احيانا بعض الضحكات …أخيراً امسكها وجعلها تواجهه …كتم أنفاسه وهو ينظر إليها ….لقد أرتدت الحجاب …وكم.بدت رائعة الجمال …بدت.كالملاك …انها اجمل شئ راه في حياته !!!
وضع شفتيه على جبينها وقبلها برفق …ثم ابتعد وهو يبتسم.لها بينما احمرت وجنتيها بقوة …تأبط ذراعها. هو يخرج من مركز التجميل بينما تنطلق من خلفهما الزغاريد …الفرحة كانت عارمة للغاية … شعر وقتها انه امتلك العالم كله !!!
..
سحبها واجلسها على المقعد المخصص للعروسين والذي قام بصنعه أولاد الحي الذي يسكن به من الورود.بطريقة بهية بينما تنطلق الأغاني الهادئة ….
كانت عبير تنظر الى أمير بسعادة …أخيراً اجتمعت مع حبيبها …تشعر الآن بالسعادة …صحيح انه يؤلم قلبها ان والدها رفض أن يحضر زفافها …وجواهر لم تأتي أيضاً…رغم سعادتها الا انها شعرت بالنقص الشديد …
-ألف مبروك …
كان هذا صوت عدي القوي الذي صعد المنصة …وقف أمير وهو مبتسماً وهو يصافحه ويقول :
-الله يبارك فيك يا عدي …كنت خايف متجيش …
-عيب يا راجل انت عزمتني بنفسك وأنا وعدتك خلاص …
ثم نظر الى عبير وقال :
-مبروك يا عروسة …اتفضلي هدية بسيطة …
ثم.قدم.لها عبوة صغيرة مغلفة …
-تعبت نفسك ..
قالتها عبير بإبتسامة فقال :
-لا تعب ولا حاجة …مبروك ..ألف مبروك فرحت عشانكم …
-الله يبارك فيك يا سيدي بس خليك شوية متمشيش علطول ممكن وخلي بالك فيه ليلة تانية بكرة ابقى تعالي ….
طالبه أمير ليرد عليه عدي ضاحكاً
-عيوني حاضر ..
ثم نزل من المنصة متجهاً لأحدى الطاولات الصغيرة الموضوعة بالحي ولكنه تجمد فجأة وهو يرى جواهر أمامه …وجهها باهت والدموع تحتشد بعينيها …رمقها ببرود لتقترب هي منه وتقول :
-عبير قالتلي على اللي حصل …وانك عملت كده عشان تاخد من شريف الشيكات بتاعتي …
لم يرد عليها لتكمل هي :
-انا مش عارفة اشكرك ازاي يا عدي ..أنت انقذتني من ورطة كبيرة …لولاك معرفش ايه كان ممكن يحصل ليا …شكرا اووي يا عدي
تكلم أخيراً بنبرة باردة :
-لو كنتِ حضرتك قولتيلي الموضوع قبل ما اكتشفه بنفسي كنت هساعدك برضه …وانا عملت كده عشان والدتك المر يضة أكيد مش هتستحمل ان بنتها تدخل السـ جن فمتفتكريش أن عملت كده عشانك …أنتِ مبقتيش تهميني. خالص يا آنسة جواهر !!…
انسابت دموعها على وجنتيها وقالت بصوت مختنق:
-عدي ..عدي سامحني عشان خاطري ..أنا عرفت غلطي ..أنا بتعذب بسببك ومش هرتاح الا لما تسامحني ….سامحني ارجوك …
-خلاص يا آنسة جواهر انسي الموضوع ده وطلعيه من دماغك …أنا مستحيل اسامح …أنتِ برا حياتي من أول ما عرفت حقيقتك وهتفضلي برا حياتي للأبد …مفيش أي فرصة …
-عدي أنا بحبك !!
قالتها بإ نكسار فرد سريعا:
-وأنا كر.هتك …كر هتك…مبقاش في قلبي مشاعر ليكي خلاص …أنا حبيت انسانة مزيفة …وبالنسبالي هي ما تت وانتهت …فمتحاوليش ولا تقللي من نفسك اكتر من كده …عن إذنك !!!
ثم تركها وذهب …تركها تبكي !!!
جلس عدي على أحدى الطاولات وهو ينظر إليها …كانت ما زالت تقف وهي تبكي …قلبه تألم لأنها تتألم ولكنه ضغط على نفسه لكي لا يذهب إليها …هي خدعته وهو لن يثق بها مجدداً …لن يدخلها حياته مرة آخرى …جواهر مثل كارمن …الاثنان حطـ موا قلبه…
..
عند جواهر …
مسحت دموعها عندما رأت الناس ينظرون إليها بحيرة ….
أغمضت عينيها وهي تحاول السيطرة على نفسها قبل أن تذهب وتبارك لعبير …عبير صديقتها من ظلمتها وهي فعلت كل هذا من أجلها …وقفت بوجه والدها فقط من أجلها …كم تشعر بالخجل لأنها تصرف بتلك الطريقة السيئة معها …تتمنى أن تسامحها على حماقتها….
نظرت نظرة أخيرة إلى عدي لتجده يتكلم مع أحد الحضور والذي كان زوج تحية شقيقة أمير…تنهدت واتجهت إلى عبير التي كانت تشع من السعادة وتكلم أمير …
-بيري …
قالتها جواهر بصوت خافت …نظرت إليها عبير وابتسمت بسعادة وهي تنهض لتندفع جواهر وتضمها بقوة وتقول:
-ألف مبروك يا حبيبتي …الف مبروك فرحتلك اووي يا عبير …
-حبيبتي يا جواهر عقبالك يارب …ربنا يسعدك دايما …
ثم ابتعدت عنها وهي تبتسم وتمسك.كفها ناظرة إليها …السعادة كانت واضحة على وجهها…نظرت جواهر إلى فستان عبير وقالت:
-اللون الروز لايق عليكي اووي والحجاب كمان يجنن …طالعة تجنني يا حبيبتي …اللهم بارك ربنا يحميكي من الحسد …
ابتسمت لها عبير وقالت وهي تنظر إلى عدي :
-وعقبالك أن شاء الله قريب كده …
نظرت إلى صديقتها بحزن وقالت:
-مظنش …اللي بيننا معقد اووي يا عبير …مظنش أنه هيسامح …
-اللي بيحب بيسامح يا جواهر وانا متأكدة مليون في المية أن هو بيحبك …وبيحبك اووي كمان وهيسامحك متقلقيش ..
تنهدت جواهر وقالت بتعب:
-اتمنى ده يا عبير …اتمنى أنه يسامح !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
-خطوبتنا أنا وموسى بعد يومين يا نسرين …متقوليش انك في شهر العسل ومش هتحضري هقتـ لك والله وقتها !!
قالتها ليان مهد دة صديقتها بينما يستقلا السيارة …ضحكت نسرين وقالت:
-وهو ده برضه كلام اكيد يا بيبي هحضر خطوبتك اصلا فؤاد قالي أننا هنروح شهر العسل بعد ما تخلص الامتحانات بتاعتي عشان اقدر استمتع براحتى…
-ايه هياخدك فين ؟!
قالتها ليان بفضول لتمط نسرين شفتيها دليل على عدم درايتها وقالت:
-صدقيني يا لي لي معرفش حاولت كتير أن أعرف منه هو هياخدني فين بالضبط بس هو رافض خالص يقول …بيقول عاملها ليا مفاجأة !!!
ضحكت ليان وقالت:
-يا سيدي يا سيدي على الحب …الواد واقع لشوشته يا نسرين خلاص ده شكله بيموت فيكي !
أطرقت نسرين برأسها وقالت بخجل :
-وأنا كمان بحبه …
-أيه !!!
صرخت ليان بحماس لتمسكها نسرين بخجل وهي تنظر إلى السائق الذي أحضره لها فؤاد لكي يوصلها لمركز التجميل وقالت:
-بس يخربيتك …
-أنتِ مكسوفة ليه يا نسرين ؟!ده هيكون جوزك !!…بجد فرحت اووي…اعترفتيله ولا لسه ؟!.
-النهاردة بعد الفرح هقوله …عايزة ابدأ معاه حياة جديدة يا ليان ..
وضعت ليان كفها على قلبها وقالت ؛
-آه يا قلبي على الجمال عقبالي أنا وموسى …
ضحكت نسرين وقالت :
-هو صحيح موسى هيجي النهاردة الفرح….
هزت ليان رأسها وقالت ؛
-ده اكيد هو قالي أنه هيروح اي مكان أنا اروح فيه
رن هاتفها فجأة لتقول وهي تمسك الهاتف :
-اهو حبيبي بيتصل ..
ثم ردت على الهاتف بلهفة وهي تكلم موسى :
-موسى ازيك ..
قالتها وهي تذوب من الخجل … بشرتها اصطبغت بحمرة الخجل ..ليبتسم موسى من الناحية الآخرى ويقول وهو ينظر إلى خزانته …
-بقولك.يا حبيبي ألبس ايه النهاردة؟! …
ابتسمت وقالت :
-ألبس القميص الأزرق والجاكيت الاسود بيليقوا عليك أوووي …عشان أنا كمان هلبس الفستان الازرق ولازم نطلع شبه بعض …
ضحك موسى وقال:
-عيوني يا خطيبتي …
عبست وقالت بإستفزاز:
-لسه مبقتش خطيبتك …
-هتبقي إن شاء الله انسي انك تهربي مني …
-ولو حاولت اهرب؟!
قالتها بمشاكسة لتضحك نسرين فرد موسى عليها ؛
-هاجي وراكِ لحد اخر الدنيا واخطـ فك وأحبسك…
ابتسمت بخجل ليقول هو :
-سلام يا حبيبي اشوفك النهاردة وهرقص معاكي…
-سلام ..
ثم أغلقت الهاتف وعينيها تتألقان بسعادة …كم تتمنى أن تدوم تلك السعادة …كم تتمنى أن يكون ملكها للأبد !!!!
-يا سيدي يا سيدي على الحب ..
قالتها نسرين وهي تشاكسها ثم ضمتها ليان وقالت:
-انا فرحانة عشاننا احنا الاتنين يا نسرين …بجد فرحانة اووي …
ابتسمت نسرين وهي تشعر بالراحة …شعرت أنها وجدت ملاذها الأخير أخيراً وملاذها كان فؤاد ….
وصلت السيارة اخيرا إلى إحدى أشهر مراكز التجميل بالقاهرة …
وترجلت ليان هي ونسرين بينما ادخل السائق الأغراض …ولجا إلى المركز لتستقبلهما صاحبة المركز بإبتسامة سعيدة وتقول :
-اهلا بيكي يا آنسة نسرين ده فؤاد بقاله يومين بيوصيني عليكِ اووي …
ابتسمت نسرين بخجل وسعادة لتكمل ماريانا بإبتسامة وتقول :
-انا اعرف فؤاد من الثانوية واول مرة اشوفه متحمس بالطريقة دي باين عليه بيحبك اووي …
-يوووه يا مدام ده بيموت فيها …
قالتها ليان بمشاكسة ابتسمت ماريانا وقد ضر بتها الغيرة ….الغيرة التي تشعر بها كلما رأت رجل يحب زوجته …وتتمنى يوما ان يحبها جورج ولكن للأسف …أبعدت هذا الشعور بالقوة ..هي رضت بحالها وانتهى الأمر …ابتسمت لنسرين وقالت بود :
-يالا يا عروسة عشان تجهزي لعريسك ..
…
خارج المركز التجميلي …
كان يوسف يقف بسيارته وفكيه ينقبضان بشدة ….لن يسمح لها أن تتزوجه …هي له وانتهى الأمر …
رن هاتفه ليرد عليه ويقول:
-ايوة يا عادل جهزت كل حاجة عشان اسافر أنا ومراتي…جميل اووي فلوسك هتوصلك قريب !
ثم أغلق الهاتف وهو يسند رأسه على مقعد السيارة بينما يبتسم …نسرين ستعود له ..ستغفر له بالتأكيد …هو فقط يخرجها من هنا ويبعدها عن الجميع وسوف تغفر له بكل تأكيد فهي تحبه …تحبه كثيراً …كما هو يحبها بجنون …
رفع صورتها التي بيده ثم قبل الصورة وقال:
-بحبك ..بحبك اووي
♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-حاضر ياللي بتخبط !!
قالتها رانيا وهي تركض نحو باب المنزل فتحته لتتجمد وهي ترى أمامها السيدة ليلى والدة يحيى تنظر إليها بترفع وتقول بنبرة جامدة :
-عايزة اتكلم معاكي …ممكن !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-يعني ايه يا دكتور الكلام ده ؟!انت بنفسك قولتيلي أن أمي بتتحسن ؟!ازاي دلوقتي بتقول أن حالتها ساءت !!!
صرخت به جواهر والدموع تحتشد بعينيها …تنهد الطبيب وقال ؛
-شريف بيه اللي قالي اعمل كده !!هو قالي اقولك كده يا آنسة جواهر بس للاسف والدتك بتحتضر !!!
يتبع
اترك رد